اليك..
قال أحدهم:
في تعجب عميق، لما كل هذا التأليه! فهي مثل كلّ الاخرين. جسد يحمل روحا لا نعرف
كنهها.. ولا أيّ الأرواح تطابق. وفي الأرواح ما علا وما دنا..
قلت:
هو ليس بالتأليه يا صديقي. انه فعل ما يجب، وتقدير ما يقدّر، واحترام ما يحترم..
وما افعله لا يخرج عن هذه القواعد..
كانت إذا
حدثتني أُفرغ غرفتي من كل شيء متحرّك..
اطفئ
التلفاز حتى لا يصدر حتى ضوءه الخافت.. فيشاركني متعة الاهتمام..
اغلق النافذة
حتى لا تتسرب الريح الى داخل الغرفة.. فتُحدث صوتا يثير تركيزي.. وحتى لا اسمح
لصوت العصافير ان يكون ضيفا بيننا..
وكثيرا
ما أطفئ اضاءة الغرفة حتى لا يتطلع الضوء الى حديثها..
ولا أردّ
مطلقا على هاتفي إذا دعاني من غيرها..
حيث
يكون كل شيء هادئ ومهيئ لها.. لها وحدها..
واستمع اليها بكل قلبي.. وبكل حواسي.. ولا
تفوت اللحظة دون ان تكون هي سيدتها..
قال:
اليس هذا تخريب للذوق العام، فهي امرأة مثل كل النساء!
قلت: يا
صديقي منذ احببتها، فانا اعاملها كملكة.. انني لا استصغر الحب ابدا.. وحبّها هو
قبيلتي.. واني اعاملها اكراما للحبّ وايمانا وثقة به..
ضحك
باستهزاء، وقال: وهل تعاملك هي مثل ما تعاملها؟
قلت:
لم ابحث يوما عن المعاملة بالمثل.. فمن كان ممتلئا بالحب سيكون في مستوى الحب..
ومن كان ممتلئا بالشك فسيكون مريبا في كل حركاته وسكناته..
ثم قلت:
يا صديقي سأقول لك باختصار شديد خلاصة رحلتي الى الان. إذا احببت يوما فكبّر الحب،
اجعل له مقاما عاليا، وتحلى بالرقي والصدق في محرابه، ولا تقل الا جميلا في
تفاصيله. فان كان الاخر بمثل هواك سيكون العمل بالمثل منه.
واما
المتصنّعون في الحب، فانهم لا يقدرون على المواصلة، إذا حاولوا خداعك ستكتشفهم مع
الوقت، سيكشفهم حضورهم، ويكشفهم غيابهم، وتكشفهم تصرفاتهم، وتكشفهم سكتاتهم،
ستكشفهم كلماتهم ويكشفهم صمتهم..
وحينما
ينكشفون، لا تتحامل على الحبّ، فهو أنزه واصدق وأرقى، ولكن ابتعد من طريقهم، واجعل
المساحة بينكما آمنه حتى يبقى الحب جميلا..
د محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي