-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

رسالتي الثالثة اليك في 2020

 


         قد تصلك رسالتي آخر الليل.. لا تحاولي قراءتها بعين تتثاءب.. يئست من قلبك.. واحتاج إلى عينك الصاحية.. تضيء عتمة توطّدت ما بيني وبينك..

 

انا بخير.. ازاول نفس الجنون.. اقرأ، اكتب، احدّث الأوراق، اغيّر الأقلام كثيرا بين يدي، جملة واحدة قد أكتبها بعشرة أقلام.. بعض التفاسير تتحدّث عن نوبة قلق!

لكن قلق من ماذا؟ لا اعرف بالضبط، الأسباب كثيرة.

شيء واحد قد احدّثك عنه. المعرفة لم تكتمل لدي.. تأكّدت بانّي لا امتلك تفسيرا لأيّ شيء.. ولا افهم أيّ الظواهر التي أحاطت بي.. بنا..

 فقط، أشياء مهمّة علينا مراجعتها..

 الحبّ قاطرة تتحرّك على عجلات من الثقة.. ودونها مجرّد كذبة.. او وهم.

والثقة دار امان تقف على أسس من الصدق.. ولولاه لا دار ولا ثقة..

والصدق صور عظيم مبنيّ بمكعّبات من الوضوح.. ولولاه عتمة.. الم اقل لك بانّ عتمة توطّدت ما بيني وبينك.. هذي كانت معول هدم!!

 

المسافة ليست جرح فقط.. المسافة بداية النهاية.. هي بتر لعضو الوصل..

المسافة ليست حدثا طبيعيا، هي الحدث الزلزال المفتعل.. الحدث الذي يبدأ في صناعته أحد منا.. لأنه قرّر الرحيل.. الرحيل على نار هادئة..

هي بداية انهيار صور الصدق.. ولا عود عن هذا الانهيار.. وكقطع الدومينو يتساقط الباقي تباعا..

 

وحينما يصيح أحدنا.. بأعلى صوت.. آه يا أنت المسافة تكبر، كان عليه قبل ذلك ان يعد "شنط" السفر، ويقطع تذاكر الرحيل.. فالحضور ليس طلبا.. الحضور هو جسد الحب، وشكله، ولونه.. إذا غاب حلّت المسافة..

وليس اختراعا ان نقول بانّ الحضور تصنعه المرأة، تؤثّثه، تحدّد مواعيده، تكتبه بطريقتها، وتحدّد استراتيجيته وخطته.. الرجل ليس سوى لاعب سيء لو ترك الامر بيده.. هو يطبق خطة تكتبها امرأة تحب..

وحينما يأفل حضور طيف امرأة من حياة رجل، فلأنّها كانت تريد ذلك..

 

وأسوأ نساء الدنيا تلك التي ترغب الرحيل  فتختار وجهة فتح النار بالمعدات الثقيلة.. فتبعث الشكّ في صدر حبيبها.. ورفيقها.. ليطلق يديها ليرحل.. ولكن بعد قنابل عنقودية زرعتها في صدره.. كلّما أراد إعادة التجربة انفجرت احداها بين رجليه.. فظلّ واقفا كقاطرة بلا عجلات..

 

ليس صدفة ان مررت امام مطار منستير.. رأيت طيف فلورانس بشالها الأحمر المفاجئ.. ورأيت سيارة التاكسي وهي تُنزل حقائبها.. رأيتها تدخل البهو.. رأيت الطائرة تقلع.. وسمعت صوت ماريا، من وراء البحر، في اذني، يأت من جوف سنين كأنه الان، يقول بصوت باك... لن تعود فلورانس.. كلّ ذلك مرّ في ثوان وأنا أعبر.. والطريق سالكة..

 

اكتب اليك بعد أشهر طويلة، كي أقول لك انّ مشقّة الحبّ ابلغ مشقّة.. والصادقون وحدهم يكملون فيه الطريق..

 

ارجو ان تكوني دائما بخير.. ولن أحدثك عن شيء آخر..

لعلها ذات يوم تأسرني حمامة بحضورها الجميل.. سأخبرها عن حضورك...

 

وكل ما ارجوه ان تقرئي رسالتي بعين صاحية.. ولا اعلم ان كنت ستقرئينها ام لا..

 

 

المخلص

 

د. محجوب احمد قاهري

 

 

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

بكل حب

2016