بسم الله،
يا هوى الهوى.. يا سيّدة روحي،
سأعترف لك في رسالتي هذه، كيف أنى تعلمت في حبّك أسوأ العادات.. وصرت من الرجال السيئين ... السيئين جدا..
ليس للحب وجه واحد.. له أكثر من وجه.. وجه جميل يقابله وجه آخر بمنتهى السوء.. وجه طيب يقابله وجه شرير..
واكتشفت في روحي تلك الوجوه السيئة.. واكتشفت بانك انت من علمني هذا السوء.. كل هذا السوء..
لقد صرت انانيا مفرطا. اغار عليك حتى من اناملي وهي تكتبك. واغار على اسمك وهو ممدّد فوق ورقي.. واغار على صورك وهي تتعرى فوق الجدران العامة.. واغار من حروفك وهي تقف ما بين الشك اليقين.. اناني لأني معنيّ بامتلاكك.. امتلاك الكل للكل..
وصرت مغرورا جدا. فكيف اساوي بينك وبين النساء! ومن بإمكانه ان يقنعني بوجود أخرى تفوقك حسنا وبهاء.. تفوقك دفئا ونقاء.. وكيف لا أصبح مغرورا وانا احتفظ بك في دمي.. وفي خلاياي...!
وصرت صامتا مفرطا. فقد علمني غيابك حديث الروح للروح.. وبي صخب داخلي رهيب.. واحتفالات كبرى تحتل كل ساحات شراييني.. وموسيقى لا تغادر ابدا.. صمتي كان بابا مقفلا، لا يدخل ولا يخرج منه الا انت...
وصرت خياليا جدا. فقد أصبحت أتصورك كيانا ملائكيا.. ملاكا لا يُساوى بالبشر.. صرت احدّث الخطاف والحمام والسحاب والقمر.. وصرت أحدّث النسيم والرياح والمطر.. صرت ابحث عنك خارج عالم البشر..
وكيف لرجل بهذا السوء، اناني متكبّر صامت وخيالي.. رجل اجتمعت فيه كل هذي الأشياء بسببك، ان يبدو طيّبا في نظر الناس...!
انه يحمل أسلحة ليحافظ بها عليك.. يحمل هذا السوء لكيلا يقترب أحد من مناطقك المحرمة.. يحمل هذا السوء لكيلا يشاركك فيه أحد..
نجح في كل ذلك.. كان وفيا، ولم يقترب أحد من ملكك الافتراضي.. ولم تدخل امرأة واحدة حدود مملكتك الخالدة.. وظل الحال كما هو.. حتى انت انشغلت، فلم يقترب منك..
لولاك لما ظهر هذا السوء.. هذا السوء المريع..
وما أمرّ من ذلك، هو ان تتحوّلي انتِ الى صفّ الناس ولا ترين الا المساوئ.. مساوئك أنتِ فيّ..
ان الحب لا يعيش كثيرا حينما ينزل ضيفا بين البشر...
وكوني بخير من أجلى..
والى رسالتي قادمة
د. محجوب احمد قاهري