منذ اليوم ليس لاحد ان ينكر وجود الفساد في الحكومة. فقد أعلن السيد رئيس الحكومة، اليوم 31-08-2018، في بلاغ رسمي بأن أحد وزرائه يتحملون وزر شبهة الفساد (او ربما سوء الادارة والحوكمة).
ثم بعد هذا البلاغ المبهم، خرج الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد اياد دهماني، ليوضح لنا معاني هذا البلاغ. وللعلم بان أفشل البلاغات الرسمية تلك التي تحتاج الى اخرين لتفسيرها، وهو ما يعني قصور كاتبها على إيصال الخبر كاملا الى من يعنيه الامر.
تعلق الفساد إذا بالبترول. وهو ما يعطي دفعا لأصحاب حملة "وينو البترول" لإثارة الموضوع مجددا لفتح التحقيق في كل ثروات تونس. وهو على حق في ذلك، بعدما انكرت الكثير من المؤسسات التنفيذية ذلك وأحزاب سياسية.
ومهما كانت غايات رئيس الحكومة الشاهد في فتح هذا الموضوع الان، لاستغلاله سياسيا، ولطلب دعم فعاليات أخرى كان هو يناقضها سابقا. فان الامر حري بالعمل عليه من طرف كل الصادقين في هذا الوطن. الباب مفتوح إذا للمطالبة بفتح تحقيق شامل في ثروات تونس "المنهوبة"، وهو ما يتطلب ضغطا جماهيريا مؤثرا.
وعلى سبيل الذكر، فان هناك خمسة أسباب رئيسية لاستشراء الفساد في تونس:
1. عدم الاستقرار السياسي
2. تبين بالكاشف بان تونس دولة بدائية، لم تخضع بعد الى أساليب الإدارة العصرية، مما سهل التلاعب بممتلكات الدولة.
3. ضعف الإدارة بظهور قوى فساد داخل الإدارة، تضغط في كل الاتجاهات وتتحكم في قرارات الإدارة مقابل توقيف العمل.
4. عقلية المواطن التونسي التي لا تعترف بان الدولة ملك للجميع يجب المحافظة عليه. المواطن يتعامل مع الدولة على قياس المثال الشعبي "ملك الباي ليك". وابسط السرقات التي تتعرض اليها الدولة هي سرقة توقيت العمل.
5. التقاطعات بين كبرى المنظمات والجمعيات والأحزاب التونسية مع قوى اجنبية تريد الاستفادة من تونس في فترة ضعفها المقيت. ملف التجسس اكبر دليل.
إذا، محاربة الفساد ليست اصطياد شخص او اثنين او مجموعة صغيرة، انه مقاربة شاملة، تنبني على فكر ومقاييس واضحة، يشترك فيها الجميع ويمتثل لها الجميع.
د. محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي