لحظة ايمان
أتعب القحط الناس. لم ينزل المطر منذ أشهر طويلة. تشقق وجه الأرض، واختنق كل ما في باطنها..
لم يعد للناس من ملجأ، سواه، فحكومتهم لا يحتاج رجالها للماء، ولا للنبت. رجالها خلقوا لتدليس التاريخ واحتلال المواقع، واشهار البكاء في وجوه الناس..
قال امام العمامة: لم يبقى لنا سراه.. الله.. سنقيم صلاة الاستسقاء في الخلاء، وراء القرية..
تجمع الناس بعد صلاة الجمعة.. وكان الجو صحوا، والسماء صافية.. لم يبقى من أهل القرية الا من منعه قاهر..
وهم بصدد التحضير، لبدء الصلاة، قدم فتى لم يبلغ العاشرة، وابتسامته كضوء، يحمل بين ذراعيه مطرية..
تأمله المصلون ثم ضحكوا.. ضحكوا لأنه يحمل مطريه في يوم صحو..
لم تكتمل الصلاة بعد، ونزل غيث كثير.. فقط الطفل كان يبتسم..
فقط الطفل كان المؤمن الوحيد بما كان يحدث.. وعلى يقين بان الله سيستجيب، لذلك جاء بمطريته..
ولازال الأمل
يبلغ من العمر، الان، سبع عشرة سنة، دأب على الوقوف أمام مسجد الحي لساعات، لا يدخل المسجد ولكنه يظل واقفا، كأنه ينتظر أحد ما.. اعتاد على هذا الفعل منذ سنته الثامنة.
في تلك السنة، سمع أقرباء له يتحدثون عنه، فهم انهم وجدوه لحما طريا على جانب المسجد، وانه يعيش مع اب وام ليس من صلبهم، واخوة له بحكم الواقع.
لم يتكلم، ولم يعلم أحدا بما سمع. ظل لآشهر كئيبا.. ثم قرر بأن ينتظر امام المسجد..
له أمل في أن تظهر والدته في كل لحظة.. ثم تحتضنه الى الابد.
ولازال الامل..
د. محجوب احمد قاهري