مساء الخير يا ..
ما عدت اعرف كيف اناديك، او كيف اكتبك. تداخلت الاوصاف، وما عاد شيء منها يعبر عما يحدث.
لم أكن أنوي أن اكتب اليك في نهايات الخريف. فرسائل الخريف كثيرة اوراقها، بلا موعد، تتساقط كل حين، وتذروها الريح.. وأخشى على رسائلي من نسيان ما بعد سطوة الريح.
وها أن الشتاء قد حل.. موسم الكتابة والحب. فالشتاء واضح جدا، يعيش على وقع مفردتين فقط: البرد والدفء. تبحث كل واحدة منها على الأخرى. يتلازمان في جدلية حب عميقة، حيث النقيض يحتاج الى نقيضه، ليكون.
فكوني البرد او الدفء. مثلما تشائين كوني. فأنت نصف الكون، والنصف الذي يضئ النصف الآخر.
آه يا .... ولست أدري ما أسميك.. ها هو الشتاء يدعونني للكتابة اليك في اول ساعاته.. مثلما دعاني شتاء العام الماضي، في نفس هذا اليوم ونفس هذه الساعات..
في الشتاء الماضي كانت كلماتي حبلى بك.. ورحم الساعات ممتلئ.. والورق ساحة مخاض رائقة، تستضيف روحي وروحك في حكايات لا تنتهي.
وهذا الشتاء، ما عدت اعرف ما أقول او ما أكتب. احكم الغياب غلق أبواب الرجاء، فلا نزل غيث الكلمات، كما كانت، ولا تحررت الابجدية من سطوة الانتظار..
إذا، لن أقول لك الشيء الكثير، اعرف بانك بخير، وإنك سعيدة جدا، وإنك تسرقين بعض الدقائق لتقرئي ارهاصاتي، وتميزين بين ما كتب لك، وما لم يكتب لك..
ما كتب لك موشوم باسمك، يحمل انفاسك، ووسامة حضورك.. يحمل مرّ غيابك والم انطفاءك.. وما لم يكتب لك يافطات كبرى على رصيف انتظارك.. يقرأها العابرون.. وتمائم تحمي من الم الحب وجرح الغياب.. يقرأها ويحملها العاشقون..
عشرات الرسائل تصلني، تسألني عنك. يبدو بان العالم كله، يقرأ رسائلي اليك، ويرد عليها. الا انت. أنت أهم من رسائلي، هذا ما توصلت اليه. لولاك لما كتبت هذي الرسائل، ولولاك لما قرئت.
انت الأهم. وليس هذا كله. فلولاي، ولولا حبي، ما صرت انت أشهر نساء المدينة. فانت قصيدة من قصائدي. يقرئك الناس، وقد نسوا كاتبها.
كل ما يحدث، يؤكد بان هذا الشتاء سيجمعنا من جديد. وليس للشتاء الا لغة واحدة، ومنطق واحد، البرد والدفء، وكوني كما شئت، بردا او دفئا.
وسأحبك لألف عام أخرى....
والى رسالة قادمة
المخلص
د. محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي