مساء الخير.
منذ أيام وانا أفكر بان أكتب اليك، لدي الكثير مما سأقوله، كثير يحتاج منك صفاء الذهن والوقت والاستعداد. وقد لا يكون هذا متاحا لك.
اعرف بانك بخير. كل مساء كانت تصلني أخبارك. كيف جلست وحيدة تفكرين. وكيف ابتسمت. وكيف شربت قهوتك. وكيف تحدثت بتعال. وكيف تعاملت مع جوالك، وظللت واقفة على أمتار من جداري. وكيف نسيتني في كل احداثك.
الا انني سعيد جدا، لأنك سعيدة. ومطمئن جدا، لأنك تمارسين حياتك بهدوء تام.
بعد غيابك، لم تكن أمامي خيارات كثيرة. خيار واحد متاح. ان أصنع من حبك تمثالا، ثم أحنطه! وأضعه على باب شراييني، حتى إذا ما دخل اليها زائر، وسألني عنه، قلت: كانت حكاية عذبة، لا روح فيها.
وبعد غيابك، تعبت منك كثيرا. يسألونني عنك. ولماذا اختفيتِ؟ وتعرفين بانه ما عندي إجابة. لا اجيب، وأحمل السؤال معي. ابحث عنك، لأسالك إياه. ولا أدري اين تكونين. فيظل السؤال معي خنجرا في الصدر، بقاءه موت، ورفعه موت.
وبعد غيابك، تعبت، أيضا، منك كثيرا. تعلمت كل العادات السيئة. لم أعد أقرأ، وأهملت كتبي. لم أعد أكتب، وظل قلمي مرهقا بمداده. ولم أعد أشرب قهوتي الا مُرّة، فالسكّر زيف في زمن المرار. ولم أعد أنتظر أخبارا جديدة، فقد توقف الحاضر في مساحات وجعه. توقف ساعة غيابك.
وبعد غيابك قررت أن أغير من ملامحي، لعلي أتخلص من احتلالك. غيرت ستائر شراييني، وزرعت السنديان في حجرات قلبي.. نفضت غبارك من على معاطف كرياتي الحمراء.. غيرت الهواء الذي يسكن رئتي.. ثم جربت الحياة، فطلعتِ أنتِ من خلف الستائر والسنديان.. وأرغمتني على الانكفاء بعيدا..
ارجوك ارحلي بعيدا.. بعيدا جدا. اخرجي من شراييني، فكّي قيودي.
الآن، أنت تمثال محنط، لا روح فيه، فلماذا تُحْدثين كل هذا الضجيج في شراييني؟
ولأجلي كوني دائما بخير...
والى رسالة قادمة
المخلص