مساء الخير،
مثلما تعلمين لا مواعيد لرسائلي.. تحدّد، وحدها، تاريخ كتابتها، ومواضيعها، وساعة نشرها وارسالها اليك.. وها قد حانت اللحظة..
لقد أطلتِ الغياب، اليس كذلك؟ ضاعت منّي كل عناوينك، فإلى أيّ مدى اسافر؟ لست أدرى! إنني اهتدي بقلبي، وتقتلني فيك المسافة..
يا لقلبك! كالحجارة او اشدّ.. ويا لقلبي حينما يتوقع تشقق الحجر فيفيض بالماء! ما علمت قتيلا يتعلق بقاتله، وما علمت سجينا يهوى قسوة سجّانه، سواي. هكذا كان قلبي، وكنت..
أما أتعبك الغياب؟ عودي، اذن، لو تعبتِ.. عودي، سأكون غائبا في الحضور وحاضرا في الغياب.. سيظل وجعي بعيدا عنك، بعيدا جدا.. اعدك بذلك..
لن تؤذيك لهفتي اليك.. ستحرقني بعيدا عنك.. ولن يطالك لظى ناري ولا غبار رمادي.. سأظل في الحياد القاتل... لأجلك فقط.. لأجلك، قبلت كل شيء! وسأفعل كل شيء..
لا تجعلي من غيابك فعلا سخيفا يا امرأة! اطلعي قمرا كما كنت في سماءك.. سأمتطي عتمة ليلك، وأضيع بلا ظلّ ولا أثر..
اكان غيابك حقدا عليْ؟ وما فعلت لكي اثير فيك كل هذا الحقد! كان يكفيك ان تلوحي بيديك من بعيد، فأعرف بانك ودعتني.. ورحلت. لكنك لم تفعلي، واشعلت جمرة الانتقام.. ممن؟ من عين جعلت منك الضوء.. من شريان جعل منك الدم.. من قلب جعل منك النبض..
هل استرحت.. في كل الأحوال يسعدني بان تكوني تامة الرضى.
اما أنا فلازلت أعاني من كوابيس اليقظة: يطلع طيفك من صفحات الكتاب.. وتأبى الابجدية الحديث عن غيرك..
ثم صرت لا أقرأ.. ولا أعرف ما اكتب..
أقف وراء باب آمالي وأنتظر، لعل غيمة تهطل فجأة، وتبوح بحضورك..
إذا أتعبك الغياب فعودي.. فلم يتبقى مني سوى ذكرى..
واذا قرأت رسالتي، فامنحيني، لطفا منك، ابتسامة ملئ عينيك.
ولأجلي كوني دائما بخير...
والى رسالة قادمة
المخلص
د. محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي