الاهداء: الى توأم الروح..
04/09/2017
مساءك خير.
لا اعلم لما سأكتب.. او ماذا سأكتب.
كل شيء يدعو للكتابة.. وكل شيء يدعو الى خذلانها!
لأول مرّة أرى حروفي أجسادا ملقاة على ارض يابسة.. لا حياة فيها.. حتى انها غير قادرة على عبور خطوط الورق..
ولأول مرّة اشتهيت ان لا أكتب مرة أخرى.. وفكرت بان تكون هذه آخر رسائلي اليك.. مع ادراكي بأن لا سلطة لي على زمن الكتابة او مكانها، او حتى مواضيعها.. ثمة أشياء تأخذني اليها أخذا..
ولأول مرّة اشتهيت لو كنت أمامي الآن، جالسة على هذا المقعد الفارغ.. لأحدثك كما أحدث روحي.. دون ان أرتب جملي.. وأنتقي كلماتي..
لا معنى لهذي الاشباح وأنت تملئين المقعد الفارغ، وتملئين المكان، والدنيا، والصوت والسمع والعين.. فهل هناك من يشبهك في هذا الكون؟ أبدا، لن يحدث ذلك، ما دمت أتابع، كل فجر، دوران الأرض، ورحلة العصافير المهاجرة في كل الاتجاهات.. وما دمت اتكأ على احساس لم يكن عندي مثله، قبل حضورك في شراييني..
سأعترف بالكثير مما آمنت.
لا حياد في الحب. فهو يخضع الى قانون فيزيائي "الكل أو لا شيء".. من الروح الى أضعف خلايا الجسد.
لا حرية في الحب. فهو ملكية مطلقة، لا تجزئة فيها.
لا خيارات في الحب. فهو دكتاتورية، وأخطر دكتاتورية شهدها العالم.
ولا غموض في الحب. فهو اعتراف مكتوب في العين، وعلى الجبين.. في النبض، وفي الحديث وفي الكتابة.. اعتراف لا يخطئه أحد... وكل عاشق يفضحه كل ما فيه..
هذه بعض مما أمنت. وأعدك بأخطر ما وعدت.
لم أكن يوما محايدا معك ولن أكون،
ولن أسمح بأن تكوني لأحد غيري. فأنت ملك لي. وانتهى الامر.
وسأمارس ضدك أعنف دكتاتوريات العاشقين.. وأخطرها..
وسأناديك بكل وضوح العالم.. تأملي حبك على جبيني، كيف تحول الى زيتونة.. جذعها في الأرض وفرعها في السماء..
سأطفأ من حولنا نور القمر، وأنت جالسة في المقعد الذي كان فارغا، وسنسهر على ضوء عينيك الى ان يطل علينا الفجر...
أرأيت، كم هي دامية أمنياتي!!
وهاهو المقعد الفارغ أمامي، لا يزال فارغا. والقمر يطل علينا بابتسامة عريضة.
لست أدري هل مازال من حديث أقوله لك؟.. اعتقد باننا لم نقل شيئا بعد.. فقط، كان ذلك مقدمة لكلام أكبر، وأوضح.
ثم أعود، وأقول، ربما تكون هذه آخر رسائلي اليك.. واما فائض الكلام، سأواريه خلف السطور..
فلم تكوني سوى محرضا للعتمة، التي تمددت الى حد الفوضى.
لعلي احمل حلما.. ولعلي انفخ فيه، دونما ان تكوني قد فكرت في المشاركة فيه.
لم يبقى لي ما أقوله في هذه الرسالة..
سأحمل الليل معي، واعود الي..
والى رسالة قادمة
المخلص
ودمت حبيبتي.
د. محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي