-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

رسالتي الخامسة اليك في 2019







مساء الخير،

     كأنّي لم اكتب لك منذ عصور.
حتّى إنّي كدتُ أنسى لون عينيك، أفيهما مزارع البنّ، او فيهما نضارة النارنج، او لعله البحر الممدود كسجاد في البؤبؤ.. حقّا نسيت! ولعلّي اذكر لونهما في آخر الرسالة.. وان نسيت فذكّريني..

     واعذريني دائما، حالة من النسيان ترتادني منذ مدّة.. لطالما حاولتُ الفرار منها ولكنّي أفشل دائما معك أنت.. لعله القدر!

     ومن عجائب هذه الرسالة انّ وقت كتابتها طال جدّا.. ابتدأتها فجرا.. كتبت سطرا واحدا.. ووجدتني فارغا من كل الكلمات.. لم اعرف ما اكتب لك... وانتهيت منها مساء..
وما بين البداية والنهاية كنتُ حائرا، ما يُمكنني ان اكتب لك؟ وببساطة شديدة لم اكتب لأني لم أقدر على تحديد موقع أحدنا من الاخر.. 

     نوبة من القلق الفاجر اصابتني.. وللقلق سببين، الأول العتمة، فلا طريق يبدو، ولا شمس تدلّ على نفسها، والثاني وضوح صادم، غير متوقّع، ينكسر فيه الطريق تغيب الشمس.. وقلقي كان بينهما، وفيهما، وستدركين ذلك لاحقا.

     انطلقت الى صديقي "جرجير".. جرجير الذي سقط وهُزمت مدائنه، لكنّ فكرته ظلت.. 
وعند بقايا "الديدبانة" تذكّرت ابنة جرجير وهي واقفة في الاعلى.. هي لا تشبهك، ولكنها تذكّرني بك.. 

     وتذكّرت بانّي قلتُ لك دعينا نرتبط أوّلا بما يبقى، بالثابت.. والفكرة هي التي تبقى.. والقيمة هي التي تبقى.. وما دون ذلك تحوّل ورحيل وبقايا وشتات.. ولم تسمعي لي..

     انزويت لأحتسي فنجان قهوة.. تعرفين باني أحبّ البن بلا حليب.. جاء النادل، تذكرني بعد طول غياب.. ثم غاب..

برغم الشمس الحارّة، على غير العادة، فانّ ريحا باردة كانت تلسع اطرافي.. كأنّها تذكّرني بانّي جئت لأبحث لك عن كلمات.. 

     هل أقول لك انّني بخير؟ اعلم انّ هذا لا يعنيك كثيرا..

     هل أقول لك بأنني صرت لا اكتب كثيرا؟ لعله يعنيك، ولكن هذا ليس الثابت لديك.. يُحكى بانّك امرأة متحرّكة.. واعرف بانّك امرأة مزاجية.. وفي الحالتين يستهويك الربح! تستهويك إضافة ما!

     هل أقول انّني أحبك؟ اعتراف باهت لفعل متكرر.. انت تعرفين ذلك..

     هل اسالُكِ أين أنتِ؟ علّمتني الدقائق بانك الحاضر الغائب، الذي لا يُؤخذ بذنب.. فأنت لا نهاية لك.. ومسرح مفتوح! ولا عنوان دائم لك.. ولذلك لم تصلك كثير من رسائلي السابقة..

     وهل اسالك كيف تمكّنتِ من تضليلي كل هذا الوقت؟ الحبّ هو الجواب. 

     الم تسألينني يوما لما أحببتني؟ وأجيبك الان نفس الإجابة: لا أعلم. هكذا وجدتك قطعة من القلب. واكتفيت.

     وقلتُ لك دعينا نجعل لنا ثابتا لهذا الحبّ. ثابت نقف عليه، لا نفقده، ولا تؤثر فيه هزّات الوقت. وسمعتني، ولم تجيبي. وفهمت بانّي اطرح عليك قضية خلافية لا يُجبر خاطرها غير حبّ كبير...

     وقلتُ لك، كذلك، انّ الحبّ فضيحة جميلة. لا يقدر المحبّ بايّ حال ان يخفيها مهما فعل. وان حاول، فلانّه لم يرتق بعد لمقام الحبّ. او انّه مُعجب مُبتدئ، وسيضلّ الطريق قريبا.
ومع الوقت انا لم اضل.. وانت ضللت..

     وستسألين، وهل ستبقى عاشقا لي؟

     وأجيبك أيضا الحبّ لا ينسى.. هو ضربة في القلب، فيعزف القلب عزفا منفردا، او يُذبح من الوريد الى الوريد.. وفي الحالتين تبقى آثاره شاهدة.. ولا ينسى.

     فقط تبقى الاسئلة المعتمة.. تلاحق أجوبة لا تأت ابدا.. كأن لما اعترضتِ طريقي؟.. فأحببتك... كأن لما كسرت جناح اللقاء؟ فلا الغياب تم ولا اللقاء تم..

     لا اطيل عليك.. واعذريني ان لم اسال حالك.. ارجو ان تكوني بخير..
وان قرأت رسالتي.. فستخبرني هي..

     وقبل نهاية هذا العام وبداية الاخر، وان تبقى من العمر بقية، سأكتب لك.. فاني أتمنى لك عالما جميلا.. وأتمنى لي بداية أخرى...

المخلص

د. محجوب احمد قاهري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

بكل حب

2016