-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

رسالتي الرابعة اليك في 2018




مساء الخير يا توأم الروح،

تأخّرت رسالتي الرابعة اليك.. تأخّرت كثيرا.
ليس لأنّي اضعت عنوانك.. او عناوينك..
وليس لأنّي لم اعد اهتم..

لقد جاء من يأخذ من وقتي الكثير.. ومن جهدي الكثير.. ومن احاسيسي ومشاعري الكثير الكثير.. وما تبقّى كان لك وحدك..

لست أدرى هل تبقّى، منّي لك، الكثير او القليل.. الا ان زائري كان أشدّ.. وأعظم.. وأقسى.. حاول ان يستحوذ على كل شيء.. تشابهتما انتما الاثنان، في الحضور وفي القسوة.. 

انا انتظر رحيله.. هو رحل.. الا ان وطأة حضوره كانت مؤلمة كثيرا.. وها هي اوزاره تتلاشى .. او تكاد..

ولست أدرى هل بعد رحيله.. سأعود انا كما كنت! او انّني سأخاطبك بما تبقّى لك فيّ.. فأنت لا تحتلّين مكانا.. ولا ترغبين.. انت فكرة مثيرة لا غير.. هذا ما فسّرته الاحداث..

هذه الرسالة رافقتني الى مدن كثيرة.. وفي حالات نفسيّة كثيرة... والى محطات انتظار كثيرة...

جلست معي في مقاه كثيرة، وتجوّلت معي في شوارع كثيرة.. وتمدّدت معى على اسرّة الإرهاق.. ولم تفارقني..

كانت معي حينما حاولت كتابة الشعر وفشلت.. وحينما وقفت على سفينة النثر ومضت بي بين الموج.. وكانت معي حينما أدركني زائري بكل بطش، وأرغمني على الصمت أيام كثيرة.. كأنها سنوات..

كنت احملها في صدري.. واتوق الى ان تكبر سنابلها.. ومن كل سنبلة تنبت ألف.. 

وبعد عمر، أدركت بأن لا فائدة من الحلم.. ما يسعدنا حقيقة، والى الابد، هو كل فعل محمود نصنعه، وكل ابتسامة نضيئها في وجه أحد ما.. وكل كلمة طيّبة نزرعها في حديقة كائن ما.. العمر هو لحظات الخير التي انجزناها.. وما عدا ذلك، كله شقاء..

وكم تمنّيت بان تكون رسائلي فعلا من أفعال الخير..

تعلّمنا بأنّ البدايات دائما جميلة، والنهايات غالبا ما تكون ذات وجه قبيح. الا ان بدايتنا، خالفت الأعراف.. كانت بلا تحديد، ولا ملامح واضحة. واما النهاية فها هي أجمل ما يكون.

بدايتنا، لا أحد منا يستطيع تحديد فصولها، لا هي شتاء، ولا هي ربيع. الا أنك كنت فيها الشمس الدافئة.. 
اما نهايتنا، فهي الاجمل على الاطلاق. فما أجمل ان ينتهي عصر الامنيات.. ويحل عصر الحقيقة.. الحقيقة التي نضع فوقها اقدامنا بكل وثوق.. 

ثم ماذا بعد؟ 

سوف لن ينتهي عصر الرسائل، مهما تقدمت الحضارة، ومهما بلغ التطور منتهاه. 
من الحمام الزاجل الى العصر الالكتروني، ستظل الرسائل بمختلف اشكالها، شكلا راقيا من التواصل. وستظل رسائلك الاجمل على الاطلاق.

لم أنسى بأن أسألك كيف حالك؟ وهل انت بخير؟

كنت ادخر هذا السؤال لآخر الرسالة، وهو كل ما سيتبقى منها لديك.

انت الاروع، وانت الاجمل، وانت الاحلى، فلا تبخلي بان تكوني، لأجلي، دائما بخير، هذا كل ما اطلبه منك.

واحفظي عني أربع كلمات. 
الحب مدرسة. مدرسة تتعلم فيها الشعوب والدول كيف تطيل اعمارها.

الانتظار خيبة. خيبة نصنعها لأنفسنا. فمن كان معنا، لا يمكن ان تفصله عنا المسافة، فهو حاضر في كل الحالات، و لامعنى لانتظار حاضر.

الصدق ضمانة. وهذا واجب الحب. وبه تستقيم النفوس.

الغرور بداية السقوط. وهو قمة الوهم، حيث لا ارتفاع بعده في سلم الهزائم، والاوهام. بعده شئ واحد، الحقيقة، ولا غير.


والى رسالة قادمة

د. محجوب احمد قاهري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

بكل حب

2016