الإهداء: إلى المهمشين في الأرض... الى ضحايا النسيان والاستبداد..
صورة للمرحوم ثامر بعد اكثر من 36 ساعة من وفاته |
قبل البدئ:
الصورة المرافقة هي للمرحوم "ثامر" الذي لاقى ربّه في مدينة "ليون" بفرنسا، بعد رحلة عذاب مرّت عبر الماء، إلى إيطاليا ثمّ فرنسا...الصور أخذت له بالمستشفى بالمدينة المذكورة بعد اكثر من 36 ساعة من وفاته... وهي وفاة طبيعية حسب التقارير الطبية المصاحبة، حدث والراحل يغط في نوم عميق وهو في منزله.
كلمة شكر:
لا يمكن المرور قبل إهداء الف تحية شكر إلى كلّ التونسيين المقيمين بليون وبكل فرنسا، حيث هناك التضامن الحقيقي بين تونسي وتونسي، هناك تجد تونس العظيمة في كل نبض قلب.. وفي كل حركة تضامن...
كما لا يفوت شكر كل العاملين بالقنصلية وبالسفارة وبوزارة الخارجية، الذين ذللوا كل الصعوبات أمام نقل الجثمان من مستشفى بليون إلى مقر أقامة عائلة المرحوم ثامر بحي الزهور القصرين.. حقيقة، تونس عظيمة بكم جميعا.. (مع ملاحظة بسيطة بان السفارة قد قصرت حين رفضت استخلاص تذكرة مرافقة المرحوم ثامر كما ينص عليه القانون، بتعلة بانها ليست عائلته الصغيرة، مع انها تحمل نفس اللقب وهي من عائلته الكبيرة).
ثامر الشجرة التي يجب أن تكشف لنا الغابة:
رحل المرحوم ثامر بعيدا... وترك فاجعة في كبد عائلته ووالدته.. فاجعة لن تداويها الأيام.. فهو الذي رحل منذ اكثر من اربع سنوات عبر الماء "حرقان".. بحثا عن الكرامة وعن الخبز.. فانتقل بين محنة ومحنة، وبين خصاصة وخصاصة، وبين ألم وألم، ولم يجد رئيسا يفكر فيه، ولا حكومة بحثت له عن حلول، ولا حزب سياسي عرض معاناته لطاولة الحوار....
ثمّ عاد ملفا ورقما في مكاتب وزارة الخارجية، وصندوقا في حضن والدته... لتبدأ حكاية الم جديدة في وسط العائلة..
كان ثامر شجرة لا يمكن أن تخفي غابة.... غابة الآلاف من الشبان الذين "حرقوا" وهاجروا بحثا عن لقمة الخبز والكرامة.. ولا يجدونها... فيعودون جثثا... او تعود أخبارهم مبهمة دون "جثث"..
بعض الإحصائيات تقول بان مطار قرطاج يستقبل كل يوم بمعدّل ستة جثث من أبناءنا المهاجرين في كل أنحاء العالم... وتخيلوا عدد الصناديق العائدة في كل أسبوع، وكل شهر، وكل سنة!!!...
عشرات الأمهات، اللواتي لم يعد أبنائهن إليهن، لازلن ينتحبن، على أمل ان يصل إليهن خبر، وأي خبر عن أبناءهن.. وقد لا يصل أبدا...
ذات يوم ستأتي حكومة ورئيس يحملان أحزان أمهات يحلمن بعودة أبناءهن سالمين..
وذات يوم سيكبر المجتمع المدني ليحمل قضايا أمته...
وذات يوم سوف لن يعود "ثامر" آخر في صندوق... فقد لا نحتاج إلى الرحيل خلسة من الوطن للبحث عن الخبز والكرامة...
رحم الله ثامرا وكل أبناء الوطن الذين ماتوا في الماء أو خارجه... بحثا عن لقمة الخبز.. وعن الكرامة في وطن لازلنا نبحث فيه عن الكرامة...