عزيزتي الرائعة،
اكان يكفيك ان أقول لك أنى اشتقت؟ ها إني اقولها، إني اشتقت.
بالنسبة لي لا يغيّر هذا من الأمور شيئا، ما دمت تتعاملين، مثل كل السّاسة، بمكيالين. مكيال "إني هنا"، ومكيال "إني غائبة فلا تقترب". وللساسة حسنة لا زلت لا تمتلكينها. انهم يستعملون مكاييلهم بكل وضوح. اما انت فلم تخرجي بعد من منطقتك الرمادية. ولا زلتُ لا اعرف ما تريدين بالضبط؟
لك مثلي سيئتان: الغضب السريع، وردّ الفعل. الا انّي اغضب، ولكني أؤجل الردّ الى حين افهم، الى حين يذهب الغضب، وكثيرا ما كنت اتفهم بانّ غضبي لم يكن في محله، فلا أردّ الفعل، وانما اعالج المسألة. اما انت فتنطلقين كرصاصة، ولا تأسفين لشهيدك.. انت مستعدة لذبح كل حبل ودّ في سرعة مدهشة، حتّى أنك لا تأسفين ولو كنت مخطئة.. وكثيرا ما كنت أقول، أيمكن لامرأة مدهشة مثلك ان تتمسك بذراع رجل مثلي، دون ان تهمله في طريق الاختلافات، ونحن متشابهان... لست أدرى..
اليوم أكملت الدرس لطلبتي باكرا. وطول الوقت كنت أفكر فيك. متى استفقتِ؟ هل شربتِ قهوتك؟ هل نظرتِ في المرآة قبل ان تخرجي؟ هل لبست شالك الأسود؟ ما حدث معك في الطريق؟ وهل عاكسك أحد الاوغاد؟ وحين وصولك الى مبتغاك ماذا فعلت؟ من استقبلك؟ إنّي أكره كلّ الذّين يضايقونك.. وحتّى الذّين يتقرّبون اليك.. واهمّ من هذا كله، هل تذكّرتني حينما رأيتِ ابتسامتك في المرآة؟ عشرات الأسئلة راودتني ولا إجابات..
كم هو مؤلم ان لا تعرف الإجابات، وتظلّ الأسئلة تضرب رأسك، كما تضرب مطرقة سندان. فلا المطرقة عفّت، ولا السندان استراح..
ثم مضيت، والفكرة الوحيدة التي تحكمني، وهي: ان الله يفتح باب القلوب، ولكل امرأ ان يقرر، يدخل او لا يدخل؟ ان يؤثث بيته فيه إذا دخل.. ومنهم من يستحوذ على كل القلب.. وهذا دور البشر... وكل لما يفعله..
اعذريني، فلديّ الكثير من الحديث. وربّما لم يعد لديّ الكثير من الصبر.. ولسنا حجرا او شجرا ان نظل في ارض لا تحتمل جذورنا..
كوني بألف خير حبيبتي..
المخلص.
د محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي