في اليوم الرابع
(04) من هذا الشهر (نوفمبر)، وعلى الساعة السادسة و 14 دق بالضبط، تعرضت إلى حادث
مرور، فتاة تفاجئني وتقطع الطريق، تصطدم بالجانب الأيسر من سيارتي، ولرغبة في انقاد الفتاة تحركت بالمقود إلى اقصي اليمين، وعيني على الفتاة، وفي لحظات
التفت أمامي لأجدني مباشرة في عمود
الكهرباء.
الحمد لله الفتاة
بخير، وأنا كذلك لولا صور صارت ترافقني في كل اللحظات. فتاة وعمود كهرباء، وأنا
بين هذا وذاك، وصورة الموت المفاجئ التي يأتيني دون أن نريد، او نريد.
كنت أودّ أن أقول
كثيرا من الكلام، وأن اكتب كثيرا من الكلمات. ولكن تلك الصور لا تترك لي مجالا.
فماذا لو متّ حينذاك؟ وماذا لو أدركني الهوان وبقيت ملقيا، هل كنت سأحقق أملا؟ او
أمنية؟
برغم ندرة
الأصدقاء الذين جاؤوني، وحدثوني عن بساطة الأمر، فأنا والفتاة بخير، وماذا بعد
ذلك؟ رأيت وجعا في عيوني عائلتي، وبعض من أحباب لم يتخلوا يوما، ولم أرى شيئا آخر،
غير تلك الصورة الصادمة، ارتطام بفتاة، وارتطام بعمود حديدي، وموت مفاجئ قد يزور
كما شاء، وفي لحظات اقل مما نتصوّر.
ليلتها، لم يزرني
النوم، كانت الصورة تداهمني، وصوت الارتطام يزعجني، وفكرة الموت الداهم تضرب فوق
دماغي، فماذا يمكن أن نفعل أمام المفاجئ الذي لم نحضّر له شيئا؟ وكيف كانت رحلتنا
في هذه المسافة من الزمن التي عشناها؟ كم ظلمنا من شخص؟ وكم ظُلمنا؟ مالذي لم
نفعله من اجل الناس؟ ومالذي بخلنا به من اجلهم؟
حضرت صور قديمة، وأفكار داهمة مفاجئة، يا ليتني أحدّث كل الناس عن تقصير قمت به في حقهم، أو يد
مساعدة لم اقدمها عند الاحتياج.. ويقوى صوت الارتطام أمام عيني... وهذا الموت
المفاجئ الذي لم نقرأ له حسابا.. هذه الحقيقة التي لا ندري متى تجئ... بطريقة
مفاجئة.
مرّت أيام، ولا
زال نفس الصوت ونفس الفكرة تراودني، ماذا يجب أن نفعل قبل هذا المفاجئ.. وماذا يجب
علي أن أقول وأن أكتب بعد هذه الحادثة؟...
حتما انّني، برغم
ندرة من سألوا.. سأقول من يجب ان أقوله.. ولست اعرف متى؟
ربّما في المرّة
القادمة... وشكرا لكل الذين التقوا بي.
د. محجوب احمد قاهري