-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

المرأة التي أحبّتني!!! ...




 الاهداء: اليك في زحمة الصمت وندرة الكلمات.


نظر الى صورتها المعلّقة على حائط مستباح.. مدّ أنامله ليمسح بعض الغبار الذي تناثر على شالها الاحمر... بدى سنديان عينيها ذابلا، وبدى ضوء بؤبؤها خافتا كأنّ ليلا حطّ على أحد شرفاته...

فكّر في تغيير الحائط.. حائطها.. بهتتُه لم تعد تليق بوجه جميل كوجهها.. او على الأقل بوجه كان ولازال يأسرُه.. الا ان تغيير الحائط في حكم الاستحالة في الوضع الراهن.. ففكر بان ينتزع الصورة و يخبئها..

أعجبته الفكرة كثيرا.. حينما يخبأ الصورة سيضمن ان لا احد غيره سينظر اليها.. هو شرقي الى حدّ النخاع.. وغير مستعد بان يتنازل ولو قيد انملة على ايمانه بامتلاك اشيائه.. ولكن، يبدو بأن الصورة قد التصقت بالحائط بمسامير غليظة... ومحاولة انتزاعها مجازفة كبرى...

لم تعد هناك أفكار أخرى.. امّا الحائط او الصورة !

انتابته حيرتان، حيرة التفكير وحيرة العاشقين.. حيرة التفكير وجع متواصل، وحيرة العاشقين ضرب من الجنون. وقف.. ثمّ.. مشى في الغرفة ذهابا وإيابا ما يكفي لتدريب كتيبة من المشاة..

كانت الصورة تتابع حيرته.. مندهشة من رجل بصدد ضرب رأس أفكاره على كومة من الحجارة..

والصورة لا تعرف بانها دخلت شرايينه كقاطرة لا تتوقف أبدا.. فداست على كل ما فيها بلا شفقة. وواصلت المسير والدوران... عبث لا حدّ له يحدث في الشريان.
ومن يخبر الصورة؟.. هي لا تفهم. وهي نرجسية الى حدّ البلاء.. او لعلها تعلم، ولكن لا يعنيها تقرّح الفؤاد، وتورّم النبض. وفي الحقيقة ان قلبها هناك.. عند "البروج" الكبرى.. بعيدا بعيدا..

نظر اليها، كأنه يخاطبها، وقال:
المرأة التي تمتلك قلبا مفتوحا للاجئين ليست بوطن. وانا لست بلاجئ.
والمرأة التي تمتلك قلبا معلقا بالحجارة، كافرة بالحب. وانا ادعي بأنني مؤمن.
والمرأة المستباحة، منزلق خطير في قداسة الانوثة. وانا رجل شرقي الى حد النخاع.
و...

قاطعه المقعد قائلا: فلتذهب إذن !! وما يبقيك؟
التفت اليه، وأجاب: أنا معلّق.. ولا أدرى ما يبقيني !!

ثم نظر الى الصورة ودعاها الى تناول فنجان شاي.. قفزت الصورة فوق المقعد المقابل... وقد أومأت موافقة..
نظر في وجهها.. وكأنه يراها لأول مرة... وقال.. اشتقت اليك..
طلع ربيع أخضر من بين عينيها.. ووقف شجر السنديان حيا.. كأنه حب جديد يطلع في غابة جنون...

أخذ ورقه وكتب عنوان خاطرته "المرأة التي أحبتني"...

صاحت الصورة بأعلى صوتها: بما ان الامر يعنيني فاجعل العنوان "الرجل الذي أحبني"..
ثم قفزت الى الحائط والتصقت به.. وشالها الأحمر يرفرف.. كأنه علم عاصمة جديدة نشأت في قلبه...


د. محجوب احمد قاهري
طبيب وكاتب تونسي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

بكل حب

2016