-->
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...
random

"ديقاج" والأنتقام !!



مما لا شكّ فيه بأن كلمة "ديقاج" هي الكلمة الأشهر في تونس، او حتى في العالم كله، فقد أسقطت أعتى الدكتاتوريات العربية، وحطمت ثوابت الجيوسياسة، مزقت دولا، وخلقت أخرى، حطمت تحالفات، وولّدت أخرى كانت بالأمس متناحرة متناقضة. هذا "السلاح" التونسي الصنع الذي مهّد الطريق للحرية، يتمّ حصاره في كلّ مكان، ويحمل على وجهين، مقبول إذا رفع ضدّ الثوّار، وجريمة إذا رفع ضدّ "الديناصورات" العائدة.
صحيح انّه وبعد سقوط الطاغية، وإحداث الوقيعة بين الثوّار، تمّ استعمال "ديقاج" لمصالح ضيّقة وخاصّة. كأن يتواطأ بعض أعوان احدى المؤسسات ضدّ زميلهم المدير، في سبيل ان يعوّضه زميلهم الآخر، الذي دفع بهم الى هذا الفعل مع الوعد بالعديد من الامتيازات. أو كأن ينتقم أحد المرؤوسين من رئيسه في العمل لسبب ما، قد يكون أمره بالعمل واحترام توقيته.
الاّ ان ما يحصل حاليا مع الثوار الذين لازالوا يراهنون على كلمة السرّ، والسلاح الفتاك بالظلم،  لإنجاح ثورتهم، والتي لا تمثّل حالة خاصة، وانما أحلام شعب وآماله، يمثلّ تحوّلا خطيرا وارتدادا في طريق الحرّية والديمقراطية.
كلّما رفعت كلمة "ديقاج" في وجه الدكتور المرزوقي، المحسوب على الثورة، او هو كلّ ما تبقى منها، الاّ وتحوّل المشهد الى مادّة اعلاميّة دسمة، وأشاد جهابذة التفرقة والعنصرية بالفاعلين، مشيدين بالفعل الحرّ الذي يمارسه "الشعب التونسي" !!.
واذا رفع نفس الشعار في وجه زعيم الثورة المضادّة، السبسي، الاّ وتحرّك اعلام التفرقة ليصف الفاعلين بالإرهابيين، ثمّ تتحرّك الآلة القانونية تلقائيا، بكلّ تفاصيلها، لتزج في السجن بشباب مارسوا حقهم في التعبير، واعتبروا بأنهم يتحرّكون في اطار القانون، بعد ان وفّر لهم ذلك هذا الدستور "العجيب" الذي أشاد به العالم كلّه، ولم ينتبه هذا العالم لكل التجاوزات والاختراقات التي أصابته، الدستور، منذ الأيام الأولى من انتخابات 26 اكتوبر. وسجن شاب من صفاقس وشابين من القصرين في حادثتين منفصلتين من رفع "ديقاج" أمام السبسي، هي اشارات واقعية لا لبس فيها على بداية الارتداد والقمع.
هذه الاعتقالات، لمجرد كلمة، تحمل في طياتها مدلولات عميقة، فهي تعبير عن حالة انتقام تعيشها، وتسعى اليها، القوى التي أسقطتها هذه الكلمة، ديقاج، في ثورة تونس العظيمة.
ومظاهر الانتقام، والتخطيط له، تظهر جليا من خلال الخطاب المتعجرف، والسلطوي، والمتخلف لقيادات بارزة في نداء تونس، واعلاميون يعيشون في جلبابه، كالتهديد بحل بعض الأحزاب، وسجن الدكتور المرزوقي، وتهديد بعض الإسلاميين بالاعتقال، واخيرا تهديد السيد مرزوق للسيد سمير الوافي. الإشارات والدلائل كثيرة، على فلسفة الانتقام التي أنبنى عليها حزب نداء تونس.
فهذا الحزب، ضمّ في داخله كل المتناقضات، من تجمع ويسار راديكالي ودساترة ورجال أعمال وأصحاب مصالح، وكان هدف صناعته هو القضاء على المحسوبين على الثورة، الذين انفكّ عقدهم، واصبحوا الحالة ألأضعف حاليا، وبالتالي اختفت مبررات وجود هذا الحزب ولو مرحليا.
ونجاح السبسي في الرئاسة ستعجّل بنهاية هذا الحزب وابتداء موجة ثورية أقوى من سابقاتها، وقد تعصف بكل القوى المضادة. فالصراع على رئاسة النداء، وعلى حقائب وزارية  ومواقع هامة بالدولة، اما في اطار شخصي، او في إطار أيديولوجيات مختلفة، سيكون البدايات لانفجار الحزب.
وفي انتظار هذا كلّه، سينخرط هذا الحزب في مطاردة قوى الثورة، في إطار القرار الدولي باستئصال الإسلام السياسي او تطويعه، وهو ما يحدث.
أمامنا الكثير من عمليات الانتقام المدروسة والقوية، سيمارسها مجرمو الأمس، ردّا على اسقاط حكمهم بكلمة "ديقاج".
وتصبحون على الف ديقاج...

د. محجوب احمد قاهري

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

بكل حب

2016