موت هنا.. وفرح هناك
جيران، الدار
للدار، يفصل بينهما جدار...
في الدار الأولى،
تبك الزوجة بكاء هادئا، وبعض الرجال حول جسد ملقى، تآكل بفعل المريض الخبيث.. ماذا
يحدث؟ صوت قادم من الخارج... الرجل يحتضر.. ضع رأسه للقبلة يردّ الشيخ الذي على
اليمين.. وعبد الله ينادي، نريد ان نسمع القرآن لتخرج روحه بسلام.. يسرع أحد
الأبناء ليرفع صوت قارئ الأسطوانات...
في الدار الثانية،
البنت الوسطى جاء عريسها بعد غياب، انتظرته كثيرا، واليوم كتب الكتاب.. سوف لن
يؤجّل اي شئ.. يصرخ الوالد لا تعلنوا الفرح، جارنا يحتضر... تقول البنت الصغرى،
لقد انتظرنا الفرح طويلا، أنؤجله لمّا جاء !!... وزغاريد
تملأ المكان في تحدّ صارخ للوالد...
الرابعة مساء...
خرجت روح الجار الى بارئها على وقع زغاريد الجيران..
ماتت يوم الفرح
ارملة، تعيش من أجل اربعة أطفال، كلّ أملها
امتلاك بيت، أو حتى غرفة واحدة تلمّ شمل أطفالها.. أطفالها الموزعين على الأخوال
والجيران... يلتقون مرّة في الأسبوع... يلتقون في الخلاء، تجمعهم الأم، تشتري لهم
ما أمكن من حلويات.. وتحادثهم عن حلمها الذي سيجمعهم.
كانت تعمل ليلا
نهارا خادمة في البيوت.. تمكنت بمساعدة المحسنين من شراء قطعة ارض صغيرة بعد سنوات
من العناء وتجميع ما أمكن من المال... وبنت بيتا يجمع الشمل..
يوم جمع الشمل، ازداد
الألم بثدييها، لقد اكتشفت وجود ورم في أحد ثدييها منذ اشهر... لم تمضي ايام قليلة
حتى فارقت الحياة... وماتت يوم الفرح.
دعى زوجتة لحفل زواجه !!
اتفقا على التسريع
في الزواج، وكان المال هو المشكل.. اعلمها بضيق الحال، وبالدين الذي بدأ يتراكم
عليه بعد ان اكترى شقة الزواج، وبدأ في تأثيثها.. اكتوت نارا وحسرة لما هو عليه،
وخاصة انه لا يمتلك عملا قارا..
واقترح عليها بإعانته
بقدر المستطاع، خاصة وهي تعمل في احد معامل الخياطة، كأن تقترض قرضا محترما،
وسيقوم هو باستخلاصه... ومن أجل حبّها
وزواجها وثقتها العمياء في زوج الغد، فقد وافقت دون تردّد مع اعتراض اهلها.
في غضون ايام
تحصلت على القرض، وسلمته اياه كاملا دون نقصان، وقد اثبت حسن نواياه وجدّيته بان
اكمل كلّ اثاث المنزل...
قبل الموعد
المقرّر للزواج، وصلها استدعاء لحضور حفل زفاف "زوج المستقبل" بابنة
عمّه.. وأنكر جملة وتفصيلا بان تكون قد اعطته اموالها او انه واعدها بالزواج...