لم يكن من السهل عليه ان ينسى، ليس لأنها تستحقّ أن لا تُنسى، فقد تخلّت عن طريقه في اوّل اختبار في مرمى الواقع، ولكن ايمانا بمشروعه معها.. وايمانا بصلابة حبّه لها، وصدقه اللامتناهي.. لم يدع للنسيان بابا...
كان من ديدنه ان يخلد للحلم ليعيد اللحظات الغابرة.. ليعيدها رغما عنها... مع انّ الارغام لايأسر القلوب انّما يقتلها..
هذا المساء اراد ان يحلم بلقائهما الاول.. اللّقاء الذّي غيّر مجرى التاريخ.. وحوّل الجغرافيا الى مسافة لا تبتعد كثيرا عن مساحات عينيها....
أغمض عينيه.. وأسلم روحه للحلم...
وهو يغمض عينيه رآها.. تتقدّم ببطء في شوارع المدينة.. يبدو ان السنين اسعدتها.. وأهدتها احلى اللحظات، ربما لن تتوفر لها معه..
هنيئا لها اذا...
فرّ من الطريق الذي يؤدّي اليها.. رمى بنفسه في مكتبة مقابلة.. تأمّل عناوين الكتب.. الا ان كل العناوين كانت اسمها...
الصوت من ورائه يعاد، ثلاث مرات، فلان، كيف حالك؟.. التفت.. لم يُجب.. هو ارتباك اللقاء، او ارتباك الحبّ، او ارتباك الغيرة، او الغضب.. لا يعلم ما يحدث معه... وأخيرا، ابتسم... فردّت بابتسامة اعرض...
فجأة رنّ هاتفه.. استيقظ... قذف بالهاتف على الحائط من فرط الغضب..
ثم أغمض عينيه، ليكمل الحلم.. كان يريد أن يسألها، لما تخلّيت..
عاد الحلم، رآها تتأبط ذراعيه.. وابتسامتهما تشقّ السماء.. كانها تقول له وداعا....
الا انه، لم يكن في المكتبة.. لقد كان يقرأ أحد رسائلها... حينما ودعته....
د. محجوب احمد قاهري